» » الإيمان والعمل الصّالح

يشكِّل الإيمان والعمل الصّالح قيمتين كبيرتين ينبغي أن يتحقَّقا في شخصيّة الإنسان المؤمن الرّساليّ، ويعملا على إبراز طاقاته وإبداعاته في إصلاح شؤونه الفرديّة والجماعيّة، فلا يعقل أن يكون المرء مؤمناً وفي قلبه غلٌ على أحد، وحقد مزروع في صدره، وحسد يأكل نفسه، حيث تتحوّل هذه الصّفات السلبيّة إلى ممارسات سلوكيّة مدمّرة لنفسه ومحيطه، فيعمد إلى وضع الدّسائس والخطط، لتنفيس هذه الأحقاد الدّفينة وتلويث الحياة.
فالإيمان ينطلق من قناعة فكريّة راسخة في كلّ شؤون الوجود، في انفتاح حيّ وفاعل على الله تعالى، من خلال اعتباره وتأمّله في كلّ شيء، ليجد الله تعالى في كلّ وجوده وفي كلّ نعمةٍ من النّعَم الممنوحة له، لذا يعمد إلى شكر هذه النّعم وأداء حقوقها، فالله أعطاه نعمة الجوارح والحواس ليستعملها في مرضاته، وما يحقّق به سعادة الدّارين الدّنيا والآخرة، ويكون ذلك من خلال تحقيق القيمة الأخرى، ألا وهي العمل الصّالح، فيمارس كلّ شيء من شأنه أن يقدِّم الخير للإنسان والحياة، فيكفّ أذاه المعنويّ والمادّيّ عن النّاس، وينزع ما في صدره من غلّ وحسد وأحقاد، ليحوِّل الواقع إلى ميدانٍ للعمل الصّالح.
إذ لا يأخذ الإيمان حقيقته ولا يبلغ غاياته من دون أن يتجسّد في العمل الصّالح، لأنّه يبقى مجرّد فكرة سارحة في عالم التّنظير والتّجريد.
فالإيمان هو موقف ينطلق من عمق الفكرة والقناعة بها، وفعل يقوم به صاحبه عن طيب نفس وعزيمة راسخة تتحرّك على أساس إحساس وحركة فاعلة تتجسّد في الواقع.
وفي ضوء ذلك، على الإنسان المؤمن أن يكون متوازناً بملاحظته لكلتا القيمتين، وألا يعيش الانفصام في ذاته، فيكون مؤمناً دون أن يكون عاملاً، أو أن يعمل دون وعي وقناعة، على أساس فكرٍ نظيف يكون في خطّ التوحيد وخطّ الله.
إنّ الإيمان والعمل الصّالح يدفع الفرد والجماعة إلى نبذ كلّ الخلافات، والحوار، ورفض الظّلم والعدوان، والعمل على نشر ثقافة البرّ والتقوى على الصّعد كافّة.. ورفض الإثم والبغي والعدوان على الأنفس والأعراض والأموال، ويحضّ على العفّة والتّواضع والتّسامح والرّحمة والمحبّة والتّعاون والتّعارف.
إنّ الإيمان والعمل الصّالح قيمتان تختصران جوهر كلّ الأديان والرّسالات في دعوتها إلى الله تعالى، والاستقامة على طريق هدايته، والابتعاد عن كلّ ما من شأنه أن يفقد الحياة توازنها، ويبعد الرّوح عن آفاق كمالها، وينحرف بالإنسانيّة عن صفاء الحقّ ونور العدل.
وإذا ما نظرنا إلى الأخلاقيّات السائدة في عالم اليوم، فلا نجد سوى البغضاء ولغة الفتنة والدّسائس وتجاوز حدود الله، وإثارة النّعرات هنا وهناك، بينما تغيب قيمتا الإيمان والعمل الصّالح، وهو ما نتحمّل أوزاره جميعاً كلٌّ من موقعه..
إنّ أخلاق الإسلام تعني فيما تعنيه التمثُّل الحقيقيّ والواعيّ لمسؤوليَّات الإيمان والعمل الصَّالح، ليكونا الميزان الضّابط لكلّ حركاتنا وسكناتنا.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

عن المدون Unknown

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد