» » الشباب المسلم... خطوات نحو التميز

خصّ الله تعالى هذه الأمة العظيمة بأن ميّزها على سائر الأمم، فكانت خير أمةٍ أُخرِجَتْ للناس إنْ هي أدّت وظيفتها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشرُ الفضيلة والخير والأمن والسلام بين الناس.
ولشباب هذه الأمّة قصب السّبْق في الريادة والتميُّز والنُّصرة، ولا عجب أن يتألّق أولئك الذين خصّهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بالرعاية والتوجيه والإعداد، فبرع كثير منهم وتميّزوا، ثم نهَج نهجَهم مَن بَعدَهُم فكانوا مفخرة الإسلام دعاة وحكماء وعلماء في شتى الفنون والعلوم.
حول هذا الموضوع استضاف ملتقى الشبان المسلمين للحوار الداعيةَ أم علاء الدين قاطرجي مسؤولة القسم النسائي في جمعية الاتحاد الإسلامي، المشرف على مجلة منبر الداعيات، في حوار مباشر عبر الإنترنت عنوانه: «الشباب المسلم... خطوات نحو التميز»، ولأهمية المقابلة بالنسبة للشباب ذكوراً وإناثاً نقدّم لكم أبرز ما جاء فيها:
1- نعيش في زمن طغت فيه المادية على العقول، وأفسد الاختلاط قلوبنا فأصبحنا بعيدين عن الله عز وجل متعلقين بالدنيا، فما هي الوسائل والطرق التي تجدد الصلة بالله وتزيح عن الإيمان ما علق به من جاهلية العصر الحديث؟
·      نحن الآن نعيش في الزمان الصعب، وهذا يتطلب منا مجاهدة للنفس بالترفّع عن الدنيا والتعلّق بالآخرة، وتَمتين الصلة بالله عزّ وجل، وتجديد الإيمان عَبْر:
- الإكثار مِن ذكر الله تعالى وحضور القلب فيه، لأنه جِلاء القلوب الصَّدِئة.
- الدعاء الخاشع في أوقات الاستجابة.                            
- قراءة القرآن الكريم بتدبّر للتلقي والتنفيذ.
- مجالسة الصالحين الذين يُذكِّروننا بالآخرة، وقراءة سيَرِهم.
- استحضار مقتضيات كلمة التوحيد مع الابتعاد كل البعد عن نواقضها.
- الاعتبار والاتعاظ بمن نعرف ممن رحلوا عن الدنيا، ولم يأخذوا منها إلا القطن والكفن.
- القراءة الهادفة التي تُبصِّر الشاب المسلم بالواقع الذي يعيشه، وتُوجه فكره، وتُنقّيه مِن مثالب الفكر الغربي الذي يدمّر الأخلاق والعقيدة بحجّة التحضّر والانفتاح؛ وأنصح هنا بقراءة «رسالة المسترشدين» للمُحاسبي، وكتاب «ربانية لا رهبانية» للداعية أبي الحسن الندوي، وكتاب «الرقائق» لمحمد الراشد.
2- الشباب الملتزم يعاني من العديد من التحديات والمشاكل سواء من إدارات الجامعات، أو من الشباب غير الملتزم، أو من الشباب الملتزم الذي يختلف معه في التوجه والأفكار؛ فما هو السبيل للتعامل مع كلٍ هذه الفئات؟
·      بيّن لنا النبي (ص) في أحاديثه الشريفة أنّ المؤمن الذي يخالط الناس ويصبِر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يُخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.
وعلى الطلاب الملتزمين أثناء احتكاكهم بشرائح متنوّعة من الناس في جامعاتهم أن يتمثّلوا بحُسن الخُلق ليكونوا ممن يُشارُ إليهم بالبَنان، وذلك بـِ:
- حُسن التعامل مع الآخرين وإنْ اختلفوا معهم بالرأي.
- التسلّح بالحُجّة الشرعية وغزارة العلم.
- الحكمة في إدارة الخلاف.
- استحضار أخوّتنا لجميع المسلمين، وأنها أُخوّة إسلامية لا أخوّة حزبية عصبية جاهلية.
والمؤمن مَثَلُه مَثَلُ الماء المتدفق إنْ واجَه عقبة استدار حولها حتى يقتلعها بالمُداراة لا بالغِلظة والشّدة.
وهناك نصيحة تعلمتها في الصِغَر لتلافي أي ردة فعل سلبية وهي أنْ أجعل لساني خلف عقلي، أفكر بما تؤول إليه الأمور ثم أتكلم. جمع الله قلوب المسلمين على محبته والتزام كتابه وسُنّة نبيه (صلى الله عليه وسلم).
3- ما هي برأيك مواصفات الشخصية المتميزة التي يجب أن يتمتع بها المربي أو المعلم الناجح بهدف تكوين علاقة متينة مع طلبته والارتقاء بهم إلى أعلى مستويات النجاح؟
·     أذكر كلمة سمعتها من أحد عشّاق اللغة د. محمد حسان الطيان نقلها عن الشيخ بهجت البيطار ناصحاً ابنه مدرس اللغة العربية في التعامل مع طلابه: (إنْ ملكت قلوبهم لانت لك عقولهم).
الشعور بمسؤولية إعداد جيل يحمل ميراث النبوة ينمّي عند الشخص صفاتٍ تُؤهلُه ليكون معلماً ومربياً ناجحاً، ذكرها ابن جماعة في كتابه (تذكرة السامع والمتكلم بآداب العالم والمتعلم)، أهمها:
- الإخلاص في تعليم تلامذته.
- ترغيبهم في العلم وتزهيدهم في الدنيا.
- حبّه لطلابه والاعتناء بمصالحهم والتلطّف في نُصحهم.
- التلطّف في تعليمهم.
- الحرص على تفهيمهم وعدم تحميلهم فوق طاقتهم والحذر من منافستهم.
- عدم تفضيل بعض الطلبة على بعض بلا مُوجب.
- مراقبة أحوالهم وأخـلاقهم والحرص على تأديبهم.
- السعي في مصالحهم.
- التواضع لهم وإكرامهمٍ.
ويكون الأستاذ داعيةً في صفّه عند إتقانه للمادة وتَمَكُّنه منها وإحسان عرضها على التلاميذ، وبِصدقه وإخلاصه في تعليمهم، وبسَمْتِه ووقاره وحُسن خُلُقه ومظهره، وصِدق لسانه وطِيب كلامه، ومطابقة حاله لمقاله، وتسخير مادّته لتكون مدخلاً للدِّلالة على عظمة الله تعالى والإيمان به، خاصة المواد الطبيعية التي هي مدخل عظيم لهذا الموضوع.
وقد أشار الأستاذ الفاضل محمد قطب حفظه الله إلى التربية بالقدوة في كتابه القيّم «مكانة التربية في العمل الإسلامي»؛ فليراجَع لأهميته وفائدته، ولنتذكّر دائماً أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) كان مع أصحابه معلِّماً ومربياً وقدوة في كل شيء.
4- هل للعمل الدعوي الجماعي دور في تعزيز العبادة والصلة بالله عزّ وجلّ، وفي سموِّ أخلاق المسلم وتميُّز وشخصيّته؟ وهل يمكن للدعوة أن تقوم على طلاب العلم الشرعي فقط؟ أم تحتاج لأصحاب الاختصاصات المتنوعة؟
·     لا يخفى على مسلم أهمية العمل في جماعة، الذي هو ضرورة بشريّة وفريضة شرعية. وفشل التجارب الدعوية السابقة في بعض جوانبها يَرجع إلى الجهد البشري الذي يعتريه النقص، فهو غير معصوم عن الخطأ.
وليس أدلّ على جدوى الدعوة الجماعية من الآيات القرآنية التي تطفح بمطالبة المسلمين بالتزام الأوامر بصيغة الجمع، والسنّة النبويّة التي تُظهر بوضوح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ما كان يأتي توجيهه لأصحابه بصيغة المفرد إلا إذا كان يعالج حالةً خاصة، ثم تأخذ صفة العموم غالباً.
ولا شك أن العمل الدعوي الجماعي له أثره في بناء الفرد وتمتين علاقته بالله عز وجل؛ فإذا فتَر وَجَد مَن يأخذ بيده ويُعينه على النشاط من خلال التغذية الإيمانية، والجلسات الروحانية، والمناقشات الفكرية بين أفراد الدعوة، مما ينعكس إيجابياً على بناء المجتمع بناء إيمانياً متيناً متماسكاً.
أما عن أثر العمل الجماعي على خُلق المسلم وشخصيّته، فمن المؤكَّد أنّ الإنسان لا يستطيع أن يكشف أمراضه وطباعه إلا من خلال تعاطيه مع الآخرين، والجماعة توجّه وتُسدد وتُرشد حتى يكون أفرادها متميزين بعلمهم ودينهم وخلُقهم.
وبالتأكيد لا يمكن للدعوة أن تقوم على طلاب العلم الشرعي وحدهم، وهو أمر ضروري ومهم, بل لا بد من تحقيق الشمولية والتوازن بتنوّع الاختصاصات واستقطاب أهلها.
5- كيف استطعتِ الجمع بين العلم وتحصيله، والعائلة واهتماماتها، والدعوة وما تتطلبه من تفرّغ وهمم عالية؟ وماذا تقولين لمن تدّعي بأنّ الاهتمام بالدعوة سيؤدي إلى إهمال حقوق الزوج والأولاد؟
·      بالاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه قبل أي شيء، ثم بدعم زوجي وتعهده لي بالعلم والتربية والتحفيز الدائم إلى الأمام وغض طَرْفه عن الفَلتات، ثم بالتنسيق معه وترتيب الأولويات وتنظيم الوقت، علماً بأن هناك فتراتٍ لا بد من إعطاء الأولوية فيها للبيت والأولاد خاصة عندما يكونون صغاراً. هذا بالإضافة إلى التعاون مع الأخوات في الدعوة والمشاركة في حمل همّها وتقاسم أعبائها ومسؤولياتها.
ولا أظن أن الدعوة تُرادف إهمال الزوج والأولاد إلا إذا كانت الأخت تتهرب من مسؤولياتها بحُجّة الدعوة.
والأخوات في الدعوة عندنا في جمعية الاتحاد الإسلامي معظمهن زوجات وأمهات، والحمد لله يوازنّ بين بيوتهن ودعوتهن، ومنهن المتفانيات اللواتي يبارك الله لهن في أُسَرِهنّ وأزواجهنّ الداعمين لهنّ.
كما يوجد العديد من الطلاب والطالبات في الجمعية لا يُعيقهم العمل الدعوي عن التفوّق الدراسي وتحصيل العلوم الشرعية.

عن المدون Unknown

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
هذا الموضوع هو الاحدث.

1 التعليقات :